متخصص: استحداث نظام بيع وشراء مدرسي ينهي مشكلات تربوية
مبتعثون يطالبون بتطبيق “التجربة الأمريكية” في الكتب الدراسية
بندر الدوشي- سبق- واشنطن: دعا مبتعثون وخبراء إلى تطبيق “التجربة الأمريكية” أو الاستفادة منها في ما يخص الكتب الدراسية في السعودية، عن طريق عدم إعطائها مجاناً للطلبة، وإنما استحداث نظام جديد يدر عائداً مادياً يستفاد منه في تطوير العملية التربوية والمنشآت التعليمية.
وقال مبتعثون لــ “سبق”: إن منافع برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث تخطت التعليم والتدريب، وأكسبت المبتعث العديد من التجارب المتنوعة والمختلفة.
ولفتوا إلى أن المبتعث السعودي أصبح أكثر جدية في حياته الاجتماعية والدراسية؛ بسب الاحتكاك بالثقافات المختلفة والبيئات المتنوعة.
وقالوا إن ما يؤرق المبتعث ضرورة الدفع المادي مقابل أي خدمة تحصل عليها في بلد الابتعاث نظراً لضعف المردود المادي (المكافأة) مقارنة بالدول الخليجية. كما أن الغرامة المالية هي أقسى عقوبة يخشى منها المبتعث نظراً للقدر المتدني للمكافأة في مواجهة نظام صارم لايفهم إلا لغة العقوبة بالمال. أما الكتب الدراسية فهي فاصل مهم من حياة المبتعث في غربته، فالكتب في أمريكا باهظة الثمن وتدر على الجامعات الأمريكية مبالغ معتبرة نظراً لإجبار الطالب على شراء كتب لكل المقررات. وتتميز بعض الكتب برمز تفعيل يتم الحصول عليه من قبل المعلم، أو بشراء كتاب يحتوي على رمز دخول جديد، وهو ما يرهق ميزانية المبتعثين ويجعلهم أكثر حرصاً على كتبهم لبيعها بعد الانتهاء منها، نظراً لتوفر مكتبات وشركات ومواقع طلابية تشتري الكتب المستعملة، ويحرص المبتعث على الاستفادة من هذه المواقع.
وشدد مبتثعون على أن بعض العقبات رغم قسوتها تمثل دروساً في الحياة.
وقال المبتعث في تخصص إدارة الأعمال أنور هادي لــ “سبق” إنه على وشك التخرج ولا يوجد ما يرهق المكافأة مثل شراء المناهج.
وأوضح: “بعض المناهج تحتاج كتابين تتجاوز قيمتهما 1500 ريال سعودي، وهو مبلغ كبير، وقد أضطر للاستدانة لشراء كتب تغطي الفصل الدراسي”.
واستدرك: “لكنني أكون أكثر حرصاً عليها لبيعها في نهاية الفصل الدراسي، فبيعها بثلث القيمة يعد دخلاً مهماً لي، وكلما كانت الكتب الدراسية أكثر نظافة زاد سعرها”.
وقال المعيد الدراسي في جامعة الدمام محمد الغامدي: “بعد أن كانت الكتب الدراسية تتوفر بشكل مجاني في مدارسنا السعودية أصبحت أكثر أهمية لنا في أمريكا نظراً لغلائها الشديد ولضعف المكافأة، حيث تستقطع في بعض الأحيان ثلث المكافأة”. وتابع: “لكننا نحاول أن نسترجع جزءاً من المبالغ ببيعها وهي مستعملة.
وتحدث “الغامدي” عن فكرة بيع وزارة التربية والتعليم للكتب الدراسية للطلاب في جميع المراحل، وطالب بتعميم وتطوير هذا الفكرة ودعم إدارات المدارس بهذه المبالغ لتنفيذ الأنشطة والاعتماد على مواردها لتحقيق الاستقلالية المالية لهذه المدراس بدلاً من الاعتماد على ميزانية الوزارة.
ورأى المستشار الاجتماعي المهتم بشؤون الطلاب عبدالرحمن جبرة، الحاصل على ماجستير في التربية والاستشارات الاجتماعية من أمريكا أن “التربية لا تنحصر على الإلقاء والتلقين في فهم أمور الحياة، كما يفعل مديرو المدارس وخطباء الجوامع في نهاية العام الدراسي بالتذكير باحترام الكتب الدراسية وعدم رميها، وإنما هناك حاجة ماسة تحتم وجود نظام يحترم من قبل الجميع، معلمين وطلاب”.
وقال: “قد يكون استحداث نظام البيع والشراء ضالة هذه الكتب التي ستقفز بالطلاب لمستوى راق ثقافياً ومعرفياً”.
ولفت إلى أن “إدراك خطر هذه المشكلة يتضح بأخذ مقارنة بسيطة بالنظر إلى المرافق المدرسية بين المدارس الأهلية (بالمقابل المادي) والحكومية (المجانية)”.
وقال “جبرة”: “ليس هناك عقبات تقف في طريق حل هذه المشكلة، وباعتقادي هو إعطاء لكل مدرسة استقلاليتها في إحداث النظام المناسب الذي يتناسب مع المكان والبيئة وظروف طلاب تلك المدارس. وليتذكر الجميع أن الغرض ليس مردوداً مادياً وإنما تربوي، معرفي وثقافي”.
وأضاف: “من الصعوبة بمكان أن تقر وزارة التربية والتعليم نظاماً موحداً يطبق على جميع المدارس. لكن ترك الحرية والاستقلالية في إضفاء قرارات مرنة للمدارس في ظل النظام الأساسي للتعليم، قد تنهي كثيراً من المشكلات المدرسية”.
ورأى أن “نظام البيع والشراء المدرسي قد يكون مفتاحاً لثقافة جديدة. وقد يطبق هذا النظام بتوفير مكان مناسب، كمركز مصادر التعلم أو المكتبة المدرسية. يشرف عليها أمين المكتبة أو مشرف النشاط أو المرشد الطلابي. وتبيع المدرسة الكتب الدراسية للطلاب في بداية السنة الدراسية وتشتري منهم في نهاية العام الدراسي لبيعها لطلاب المرحلة التالية أو لإحدى شركات إعادة تدوير الورق، لتصبح العملية أكثر ربحية وفائدة”.
وقال “جبرة”: “بالتأكيد سيسعى الطلاب إلى استرجاع ولو جزء بسيط من ثمن الشراء، تماماً كما يفعل المبتعثون الآن. وربما يعود نظام البيع بالنفع لتلك المدارس مادياً وتسخيرها في تنمية الطالب معرفياً كإقامة رحلات علمية وغيرها من البرامج الأخرى”. وشدد على أن “الهدف ليس مادياً إنما تربوي”.
وطالب مدير تحرير صحيفة “عكاظ” سابقاً الإعلامي هادي فقيه بضرورة إعادة صياغة علاقة الطالب بالكتب الدراسية. وقال إن المنهج الدراسي إذا كان ذا محتوى قيم فسيجبر الطالب على المحافظة عليه.
وشدد “فقيه” على “ضرورة تخفيض عدد الكتب المدرسية إلى عدد بسيط جداً حتى يتم احترام الكتب الدراسية، أما أن يكون الطالب محملاً بأكثر من عشرة كتب فلا شك أنها ستتحول إلى عبء ثقيل ينتظر التخلص منه في أقرب فرصة”.
وأشاد بالتجربة الأمريكية في ما يخص الكتب والمكتبات “حيث تعد المكتبات من أرقى الأماكن في الجامعات والمدارس وتتحول إلى بيئة راقية محببة للطالب”.