مقال : الكليات الناشئة وعوائق المواكبة
تعاني العديد من الكليات الناشئة التابعة للجامعات من المشكلات المعيقة لعمليتها التعليمية ومهامها الإدارية، وخلق أجواء مناسبة للإبداع والعطاء الأكاديمي المتنوع.
فأنت ترى ضيقاً في مباني المنشأة ذاتها، ينعكس على صغر القاعات؛ وبالتالي تكدُّس الطلبة في الشُّعب الدراسية؛ ما يتسبب في إرهاق عضو هيئة التدريس، ويضيق على الطلبة.
ونقص الكوادر أحد أسباب ضغط الطلاب في الشُّعب الدراسية بأعداد كبيرة. ومن أسباب هذا النقص طلب الإعارة والتمديدات الطويلة لأعضاء هيئة التدريس في دراستهم العليا. وتتفاقم هذه المشكلة بعدم توافر البديل وفتح فرص التوظيف إلا بشكل شحيح، يصل لقبول شخص أو اثنين في القسم. كذلك عدم فتح مساحة للمتعاونين والمتعاونات، وبخاصة الذين أثبتوا جدارتهم الأكاديمية، إما بتثبيتهم، أو حتى تشجيعهم على الاستمرار بتسليمهم مستحقاتهم المالية أولاً بأول.
كما يكون هناك نقص في كوادر العمل الإداري؛ ما يجعله على عاتق عضو هيئة التدريس، بدلاً من وجود موظفين مختصين بهذه المهام الإدارية بتفاصيلها كافة.
ويمتد هذا النقص حتى في كوادر عمّال النظافة، التي تكاد تنعدم، وإسنادها لموظفين سعوديين غالباً ما يكونون كباراً في السن. وليست المشكلة في إسنادها لهم، لكن الأفضل لو هذا الإسناد كان إشرافياً على العمالة الخارجية الشابة التي في الغالب يكون عطاؤها أكثر نشاطاً وخبرة في العمل، فأنت لا تستطيع أن تطلب من فراش سعودي أن يفعل ولا يفعل، وبخاصة الكبار منهم، إلا مع الكثير من الحرج لاعتبارات عدة، فضلاً عن رحمتك لكبر سنه، فيكون العمل الإشرافي حلاً دون قطع رزقه، وتتحقق به جودة الخدمة.
كذلك محدودية الخدمات، كتوفير مساحات مخصصة للخدمات الطلابية وأعضاء هيئة التدريس، من: مكتبات، ومحال تصوير، وأماكن استراحة معدة بشكل صحيح يبعدهم عن التكدس العشوائي في الساحات، الذي قد لا يكون موجوداً في مدرسة متوسطة!! وكذلك وجود مكتبات تستحق اسم مكتبة، يتهيأ فيها للباحث والطالب كل مقومات البحث الحقيقي، ومزودة بخدمات الاتصال.
ونقص الإمكانات يتمثل كذلك في رداءة بعض الأجهزة داخل المنشأة، وعدم عملها بالكفاءة المطلوبة، كالمكيفات، وأجهزة العرض، والميكرفونات، وعدم توافر مصاعد وسلالم كهربائية في المنشأة متعددة الطوابق؛ ما يصعب الحركة على ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن.
أما عن التطوير الذاتي فيُحرم أعضاء هيئة التدريس والطلاب من العديد من الفرص التطويرية من دورات، وفعاليات تشهدها الجامعات الكبيرة، إلا بعض الأنشطة العابرة التي تُقام مرة أو مرتين خلال الفصل الدراسي؛ ما يقتل الإبداع.
ويشكل انعدام السكن المعد لأعضاء هيئة التدريس والطلبة المغتربين أزمة أخرى، وخصوصاً في صفوف عضوات هيئة التدريس والطالبات المغتربات.
كل هذا التقصير يعود في الأصل للإهمال من الجامعة الأم، وعدم التفقد الشامل لفروعها وتزويدها بالدعم الكامل المتعدد، أو التأخر في ذلك كثيراً، وبقاء الوضع فترة طويلة كما هو؛ وبالتالي تتأخر الكليات عن مواكبة الجامعات في العطاء المتميز، على الرغم من تميز وكفاءة العديد مما ينتمون إليها.
إلى آخره من مشكلات أحياناً تكون عامة ومتعلقة بالمدن والمحافظات نفسها، مثل: تكرر انقطاع التيار الكهربائي، وعدم توافر وسائل مواصلات سريعة تسهل عملية النقل كالمطارات، والقطارات؛ فمن الصعب أن تجد محافظة تشهد الكثير من التميز – كالقنفذة مثلاً – ومع ذلك تعاني انعدام وسائل النقل السريع فيها! ما يصعب المهمة على أولياء الأمور – وبخاصة كبار السن – في مرافقة بناتهم بهذه الخطوط، وطول المكث في السيارات والباصات المجهدة لهم.
فكيف يحدث التقصير في بلد يخصص لوزارته رقماً سنوياً مهولاً؟؟ ومَن المسؤول؟ ومن الذي سيحاسبه ويتعقب إنجازاته الحقيقية لا الدعاية الإعلامية؟!