بعضهن يتجاوبن للحصول على الدرجات.. والمختصون يرفضون مبرراتهن
أكاديميون يبتزون الطالبات بالاختبارات النهائيه .. خوفا من الرسوب
مكتبة طلابنا – متابعة : في جامعات عدة هناك أساتذة ساءت سمعتهم بسبب المواقف غير اللائقة، حيث يستغل أكاديميون حالة التوتر والقلق التي تمر بها الطالبات في موسم الاختبارات لابتزازهن عاطفياً، ما يدفع بعضهن إلى التجاوب أملاً في الحصول على أعلى الدرجات، فيما رفض المختصون مبررات تجاوب الفتيات مؤكدين أن الاهتمام بمنظومة الأخلاق هو ما يدفع الطالبات إلى بر الأمان.
وبدورها نتساءل : ما الذي يدفع الأساتذة لابتزاز الطالبات والتخلي عن القيم وأخلاقيات المهنة؟!
الخوف من فقدان الدرجات
روت إحدى الطالبات قصتها قائلة: مع قرب الاختبارات انتابني الخوف والقلق، وهناك مادة صعبة يدرسها لنا دكتور عبر الدائرة التليفزيونية، وفي الأسبوع الأخير قبل الاختبارات طلب منا الدكتور التواصل معه وأعطانا أرقام جواله وبريده الإلكتروني وحسابه في مواقع التواصل الاجتماعي، ولشعوري بصعوبة المادة اتصلت به للاستفسار منه عن نقطة غامضة، لاحظت أنه يوجه لي كلاماً رقيقاً بصوت خافت، وأخبرني أنه يكتب شعراً وأرسل لي بعض أشعاره، وقال لي: أريد سماع صوتك يومياً حتى تنجحي في الاختبار، شعرت بالخوف والقلق، وخشيت أن أصده فيحرمني درجات في مادته.
طالبة أخرى قالت: طلب منا الدكتور إعطاءه أرقام جوالاتنا والبريد الإلكتروني لمتابعتنا أثناء المراجعة، ثم جاءتني رسالة مكتوب فيها كلام عاطفي ومحادثة غزل ورسائل على جوالي، واتصل بي في إحدى المرات وأخبرني برغبته في رؤيتي في أحد الفنادق، حتى يوضح لي النقاط الهامة التي ستأتي في الاختبار، رفضت بشده بالطبع، نظراً لتربيتي وديني، وقلت سأتوكل على الله في مذاكرتي.
وقالت أخرى : التواصل مع الأساتذة يكون وسط جروبات وكل منا يسأل والجميع يستفيد، وفوجئت صباح ليلة اختبار باتصال خاص للاطمئنان علي، وتكرر الاتصال خارج المجموعة الخاصة بنا، وفوجئت به يلمح لي برغبته في التعرف علي، وعندما رفضت بشدة كانت النتيجة هي ضعف علامتي في المادة بشكل مخالف عن كل المواد الأخرى، إلا أني لم أبالِ بذلك فاحترامي لنفسي أهم بكثير من العلامات.
وفي الإطار نفسه كشف الكاتب محمد السحيمي عن قصص تأتي إلى بريده الإلكتروني تحمل الشكاوى نفسها من ابتزاز أساتذة، وزادت عن ذلك، وقال لنا بعض القصص التي جاءته: أحد الباحثين في المجال الطبي ابتعث موظفة إدارية للخارج ستة أشهر كانت على علاقة معه، وهناك تحقيق يجري بهذا الشأن، ما يدل على سوء استغلال المناصب.
إحدى خريجات الجامعة قالت : حدثتني صديقتي في السنة النهائية بالجامعة عن تعرضها لمحاولة استغلال وابتزاز من أستاذ، وخوفها من رسوبها في السنة النهائية، وفي الوقت نفسه تخشى الله، وقد نصحتها بإبلاغ إدارة الجامعة عن هذا الدكتور الذي يستغل وظيفته حتى تحمي نفسها.
نظام مترهل
وأضاف الكاتب السحيمي في حديثه : ما الذي يتيح لأستاذ أو معلم أن يبتز تلميذة؟ إلا إذا كان نظام الاختبارات المترهل هو السبب، حيث أعطى للأستاذ كافة الصلاحيات بلا حساب، ما جعل هناك حصانة مطلقة، خاصة للأكاديميين.
وأشار إلى أنه “في كل مكان هناك الأعوج الذي لا بد أن نسلط الضوء عليه لتقويمه، والنماذج كثيرة لأستاذ نجّح طالبة أو طالباً لمجرد أن لها قريباً في الخطوط الجوية أو المرور، وهناك من ينجح في مجتمع الجامعات بناء على ما يقدمه للدكتور الجامعي من خدمات، ومن القصص ما يشيب منها الضمير”.
غياب الشفافية
وأنحى السحيمي باللائمة على الفتاة التي تتجاوب مع ابتزاز معلمها، وعن الطريقة التي يبدأ بها الأكاديمي، قال: دائماً ما تبدأ العلاقة بمزيد من الاستفادة عبر التليفون، وربما تزيد لخارج العمل للتعرف على الشخصية والوعود بالدرجات المرتفعة، إلا أن السيناريو يمتد لأبعد من ذلك بكثير. بيد أنه عاد وأكد على أن “من تقبل بذلك ليست بريئة بل مسؤولة وعليها أن تتحمل العقبات”. وقال: في كثير من الجامعات هناك أساتذة ساءت سمعتهم بسبب علاقات تشوبها علامات استفهام، ما يفقدهم المصداقية ويهين العلم في شخصه، ونسمع عن علاقة بين رجل وامرأة رغم التحفظ والرفض، إلا أن الأبشع هو حدوث علاقة بين طبيب ومريضته أو أستاذ وتلميذته، فهذا يسيء إلى شرف المهنة.
وانتقد النظام المعمول به الذي يتيح لمن يعبث أن يستفيد من منصبه، حيث يستطيع الأستاذ أن يرسب طالبة ولا تستطيع أن تطالب بحقها، كاشفاً عن وجود حالات كثيرة تأتي إليه ككاتب عن ابتزاز يقع على الباحثات والمعيدات من قبل رؤسائهن للحصول على ترقية أو بعثه للخارج، وقال: هذا يؤكد أن هناك سوء استغلال للمناصب وغياب للشفافية.
ورأى السحيمي أن إطلاق الصلاحيات العملية والتعليمية للمعلم دون حساب، مع ربط المناصب بالشهادات دون الكفاءة، وتناسي أهمية القدرات، يزيد من جبروت الأستاذ، مبدياً تفاؤله من ظهور الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي التي تفضح هؤلاء وتكشفهم أمام الجميع.
معايير وضوابط
من جهتها، أكدت الأكاديمية والكاتبة الصحفية الدكتورة ميسون الدخيل “وجود معايير وضوابط داخل المنظومة الجامعية، توضح نوعية العمل والخدمات التي تقدم من الأستاذ، بيد أن هناك من يتلاعب وهذا أمر طبيعي وموجود في كل مكان، نتيجة للقصور في منظومة الأخلاق من الطرفين المتلاعبين، الطالب والأستاذ”.
وطالبت “بضرورة الاجتهاد بشكل أكبر لبناء المنظومة الأخلاقية بدل التلقين، والتركيز على بناء الشخصية المتكاملة حتى لا ننتج طلبة وأكاديميين ضعافاً”.
إلا أن “الدخيل” تؤكد أنه “لا يوجد ابتزاز عاطفي”، وقالت: هناك أخلاقيات نلتزم بها، وتساءلت: العلامات أم الأخلاق؟! مطالبة أي طالبة بعدم تبرير الخطأ على شماعة الابتزاز، مؤكدة أن “أي أستاذ يرمي الطعم ويكون أكثر خوفاً من الطالبة نفسها، والنتيجة تكون في يد الفتاة”.
وأوضحت أن “الخوف من الخسائر يوقعنا في مصائب أكبر، وعلينا أن نقرر إما الأخلاق والالتزام بالقيم والمثل أو الانجراف في تيار الابتزاز بحجة الخوف من الرسوب، والفتاة القوية تستطيع في النهاية أن تأخذ حقها مهما حدث”، مؤكدة أننا “لسنا في مجتمع ملائكي، فهناك الخطأ والصواب وعلينا عدم تضخيم الخطأ والبحث عن الحلول”.
وبسؤالها عن وسائل التواصل الاجتماعي ودورها، قالت “الدخيل”: ساهمت بشكل كبير في تواصل الأكاديمي مع الفتيات، بيد أنه ينبغي أن يكون في حدود التواصل المعترف به الآن، وعبر “جروب كامل” سواء على الواتس آب أو الفيس وتويتر وليس بمفردهم حتى لا نضعف، مشيرة إلى أهمية سد الطرق التي تفتح باباً لعلاقة غير سوية.
وختمت حديثها بالتأكيد على الأولويات والأهداف دون النظر للخلف، مؤكدة أن البضاعة الرخيصة لا تستمر.
الضعف النفسي
وأرجع الخبير التربوي نزار رمضان استغلال الطالبات؛ للمكسب المبرر له من كتب ودروس ومراجعات ومذكرات، مستغلاً الضعف النفسي للطالبات واحتياجهن العاطفي والعلمي وقت الاختبارات، محذراً من حدوث صدمة تربوية للطالبة، وقال: قد تصبح ضحية حالياً وجلاداً مستقبلاً، انتقاماً أو تقليداً لقدوة تربوية مائعة مع جمهورها، كما تضعف الثقة بين الأساتذة والطالبات.
ولفت رمضان إلى حدوث بعض الظواهر السلبية، كعدم الاحترام بقاعات المحاضرات، واستهتار المشاغبات بورق الإجابات، وضعف منتج الأبناء، وإفراز جيل مستغل ومتفنن في أساليب الابتزاز، مشدداً على كل طالب وطالبة الالتزام بالقانون والسياسة المتبعة بالمكان، وقال: للشرح مكانه ووقته وأسلوبه، حتى نصل لبر الأمان، مطالباً في ختام حديثه مَن وقعت ضحية لخونة العلم والدين والوطن بعدم الخوف، والمواجهة والتبليغ لحماية نفسها وغيرها.