وزارة التعليم تسند تعليق الدراسة إلى لجنة مشتركة بوزارة التعليم
جاء قرار وزارة التعليم بإسناد تعليق الدراسة إلى لجنة مشتركة بوزارة التعليم وسحبها من إدارات التعليم، بالإضافة إلى اقتصارها تعليق الدراسة على الطلاب دون المعلمين؛ ليحدث ردود فعل متباينة في الوسط التعليمي.
الوقوف على آراء التربويين من أكاديميين ومشرفين تربويين وقادة مدارس ومعلمين؛ حيث تباينت ردود أفعالهم حيال ذلك، حيث تحدث الدكتور إبراهيم المقحم الأستاذ المشارك في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قائلاً: إسناد تعليق الدراسة إلى لجنة مختصة بوزارة التعليم وسحبها من إدارات التعليم وقصر التعليق على الطلاب دون المعلمين الحديث عنه من شقين:
الأول: قصر التعليق على اللجنة، فرغم أن الداعي إليه هو تساهل بعض الإدارات في التعليق رغم عدم الحاجة إليه، إلا أن هذا الإجراء في الواقع غير عملي نظرًا لعدة أمور، منها: تباعد جهات المملكة، اختلاف الطقس في كل منطقة عن الأخرى؛ بل على مستوى المحافظات، تباين وقت التعليق بين المناطق، الأمر الذي يجعل قصره على لجنة مركزية لا داعي له، فلن تستطيع اللجنة الوفاء بدورها المأمول في الوقت والمكان المحددين، إضافة إلى سحب صلاحية الجامعات في التعليق لطلابها وهي مؤسسات حكومية مستقلة تمارس أدوارًا كبيرة وكثيرة بعيدة عن الوزارة ومستقلة عنها فلماذا التقييد في هذه النقطة بالذات؟
الثاني: قصر التعليق على الطلاب دون المعلمين، وهذا في الواقع -إن تم- غير مناسب، فما الداعي لحضور المعلم إذا كان بدون عمل مرتبط بالطلاب؟ وما الضرر من عدم حضوره وهو لن يقوم بالتدريس؟!
وأضاف: لعل الوزارة تعيد دراسة الموضوع بمشاركة ممثلين لإمارات المناطق وهيئة الأرصاد وحماية البيئة والدفاع المدني ليكون القرار متوازنًا يحقق السلامة ومصلحة الطلاب والانضباط الذي تنشده الوزارة.
وأشاد عضو هيئة التدريس في جامعة طيبة الدكتور بدر بن ربيعان الجريشي بقرار وزارة التعليم الذي ربط تعليق الدراسة بلجنة مشكلة من قبل الوزارة للحيلولة دون التخبط الفردي من قبل بعض قادة المدارس ولكن اختلف معهم في عدم شمول هذا القرار للمعلمين ؛ لأن عملهم مرتبط بالطالب فما المسوغ لحضور المعلم خصيصاً أن بعضهم يتكبد مسافات بعيدة وطرق تمر بأودية تكون خطرة على حياة المعلمين والمعلمات وهناك الكثير من النماذج الكارثية التي رأيناها .
بدوره تحدث الدكتور ملفي الرشيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل قائلاً: إن عملية اتخاذ القرار في تعليق الدراسة من الضروري أن يكون مبنيًا على معلومات موثوقة ومن جهة مستقلة، ورأى أن وجود لجنة مستقلة عن الجامعات والتعليم وتتكون بشكل أساسي من “الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة” و”الدفاع المدني” سوف تسهم بشكل كبير في معالجة كثير من المشاكل وربما التناقض الذي كنا نشهده بالسابق مثل عملية التأخر في القرار وكذلك التفاوت في التطبيق.
وأضاف: بالنسبة لقصرها على الطلاب فقط، فأظن أنها غير عادلة بالمطلق، مقترحًا بأن يتم تصنيف التعليق إلى تعليق اعتيادي وهو خاص بالطلاب، وتعليق متقدم وهو يشمل الجميع، فليس من المنطق مساواة تعليق نتيجة أمطار أو عواصف أقل خطورة، بتلك التي تحتمل خطورة أو تبعات عالية.
وأردف: إن تحليل المعلومات وبالتالي اتخاذ القرارات الملائمة تضمن احترافية العمل واِتّساقه وكذلك احترامه من كافة الشرائح المستهدفة، من الطلاب وأولياء الأمور والمدرسين والموظفين وغيرهم، مما يجعل قرار التعليق ناجعًا.
ووصف الباحث التربوي الدكتور سلطان الشريف إسناد قرار تعليق الدراسة إلى الوزارة بأنه قرار مركزي وخاطئ معللاً ذلك بأن الإدارة بالمنطقة على علم بجو منطقتها وجريان سيولها -فالسيل يأتي أحياناً بعد يوم أو أكثر- وخطورة خروج الطالب من عدمه ولو كانت تصريفات الأمطار التي في الشوارع تعمل بشكل جيد ونموذجي في كل منطقه لكان القرار مقبولاً إضافةالى قسوة البرودة في بعض المناطق الشمالية والتي لا يشعر بها ولا يعرفها من يعمل في الوزارة فتكون قرارات التعليق غير صائبة له.
وأضاف: بالنسبة للمعلم فعمله مرتبط بوجود الطالب وليس كالموظف الذي ينجز معاملاته حتى ولو لم يأته مراجع، مطالبًا الوزارة أن تبتعد عن سياسة التغيير فهناك ثوابت لا يحق لأحد التعرض لها من باب التطوير وأن تبتعد عن مهاجمة معلميها ومنسوبيها والترصد لهم في صغائر الأمور وترك الكبائر من المشاكل.
بدوره أوضح المشرف التربوي الدكتور يوسف الجابري بأن العمل المؤسسي من أهم أسباب نجاح المنظمة سواء كانت تعليمية أو غير ذلك، والبعد عن الاجتهادات الفردية هو بعد عن الارتباك والتخبط والعشوائية، ممتدحًا ربط قرار تعليق الدراسة بلجنة مشكلة من ذوي الكفاءات وبعد النظر معتبرًا إياه قرارًا صائبًا وجديرًا بالتقدير، وأما قصر تعليق الدراسة على الطلاب فقط فهذا مما لا ينبغي لاسيما المعلمين؛ ذاك أن عملهم متعلق بوجود طلابهم، وليسوا أقل حاجة لتعليق عملهم من شركائهم في الميدان (الطلاب) لاسيما من كان عمله في قرية، وأما المشرف التربوي فمعاملته كموظفي الدولة لا يشي بشيء من هضم حقه.
وبينت الدكتورة عزيزة بنت سعد الرويس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن قرار سحب وزارة التعليم صلاحية تعليق الدراسة من مديري الجامعات وإدارات التعليم وإسناد الأمر إلى لجنة مركزية بالوزارة قد أثارت حالة من الجدل بين المؤيدين لهذا القرار والمعارضين له، مضيفة بأن المتحدث الرسمي لوزارة التعليم مبارك العصيمي نفى أن يكون قرار سحب صلاحية تعليق الدارسة قراراً جديداً ، إذ أصدرته الوزارة بنهاية العام الدراسي الماضي وذلك بتشكيل لجنة مركزية مسؤوليتها إقرار تعليق الدراسة، وقد تم اتخاذ هذا القرار بناء على رصد حالات من التساهل في تعليق الدراسة من بعض إدارات التعليم والجامعات إثر كل تنبيه من الأرصاد.
وقالت: إن هذا القرار عودة إلى المركزية في إدارة الأزمات، وكان بالإمكان وضع أنظمة وقيود عامة للإدارات والجامعات مع المحاسبة للقرارات المتسرعة والعشوائية في تعليق الدراسة لأي تغير مناخي، كما أن وجود اللجنة المركزية والرجوع لها قد يتسبب في تأخير اتخاذ قرار في الظروف التي تستدعي الإجراءات العاجلة له.
وحول تعليق الدراسة للطلاب دون المعلمين ، ذكرت “الرويس” بأنها لا تتفق معه حيث إن عمل المعلم مرتبط بالطالب ، وهناك أعداد من المعلمين والمعلمات يعملون في مدارس خارج مناطق سكنهم مما يشكل خطورة على حياتهم في تكبدهم عناء الطريق الطويل دون وجود حصص دراسية.
ورأت أن تفعيل التعليم الإلكتروني هو الحل الأمثل بحيث يتم توظيف البرامج والتقنيات التعليمية في التواصل المتزامن أو غير المتزامن بين المعلمين والطلاب وهم بمنازلهم من خلال منصات تعليمية خاصة؛ فالتعليم المدمج أثبت نجاحه وفاعليته وسيكون حلاً منطقياً في الحالات المناخية الصعبة دون تعرض منسوبي التعليم لما يهدد سلامتهم، مع ضمان استمرارية الدراسة الكترونياً .
من جهة أخرى أوضح القائد المدرسي راضي العنزي بأن إسناد تعليق الدراسة للجنة وزارية مشتركة في وزارة التعليم أمر جيد ويستحق الإشادة كونه يرفع الحرج عن إدارات التعليم حتى لا يتعرضوا لضغوط مواقع التواصل الاجتماعي سواء سلباً أو إيجاباً وبالتالي يؤثر على اتخاذ القرار وأضاف بأن قصر التعليق على الطلاب دون المعلمين أمر يحتاج دراسة وعناية من أصحاب القرار ليتخذوا الإجراء المناسب إذا كان الأمر يستدعي ذلك وحسب الأحوال الجوية ليكون شاملا للطلاب والمعلمين على حد سواء.
وذكر المعلم عطية الحارثي أن هذا القرار ليس بمستغرب عن وزارة دأبت منذ زمن على إظهار عدم الثقة في منسوبيها من معلمين وقيادات تعليم للأسف الشديد وهذا القرار مصداقاً لذلك، حيث إنه يعيد للأذهان اُسلوب البيروقراطية ومركزية القرار وهو لا يخدم الرؤية الطموحة للمملكة، مضيفًا بأن القرار غير منطقي وغير واقعي حيث إن دوام المعلم في مدرسة خالية من الطلاب لا يحقق للمعلم تقديراً وتمييزاً في مجتمعه وبين سائر الموظفين في الخدمة المدنية والذين لا يرتبط عملهم بوجود المراجع أو عدمه، واختتم حديثه بأن هذا القرار للأسف يزيد من الضغط الذي يمارس على المعلم لتنفيره عن مهنته.
وامتدح المعلم محمد الشنقيطي هذا الإجراء واعتبره فكرة سديدة تبعد رهبة اتخاذ القرار من مديري التعليم فهذا الأمر يفترض يكون بيد لجنة مكونة من الأمارة والأرصاد والدفاع المدني بالمناطق وأضاف بأن حصرها بلجنة بالوزارة أمر خاطئ حيث وطننا كبير وتتعدد المناخات به ولجنة بالعاصمة لها قرار مناطق بعيدة سيسبب قصورًا؛ فالذي يده بالنار ليس كمن يده بالماء.
وطالب “الشنقيطي” إسناد ذلك لجهات الاختصاص بإشراف من أمارة المنطقة أو محافظتها ويشمل صلاحية كاملة إما جميع نطاقات العمل أو مدارس ومعلمين أو طلاب فقط؛ حيث تقرر اللجنة بالمنطقة وتصدر قرارها ويعلن رسميًا.
وانتقد المعلم سليم الحجوري هذا القرار ووصفه بأنه أسلوب جديد من أساليب الاستفزاز وحصر اتخاذ القرار على الوزارة وتهميش جميع الآراء والاقتراحات من أي جهة أخرى، وأضاف بأنه لا يعتقد أن هناك عاقلاً يقر بهذا الإجراء إذا كانت الظروف المناخية لا تسمح للطالب بالحضور، فما فائدة حضور المعلمين وتكبدهم عناء السفر والمخاطرة بأرواحهم، واصفًا القرار بأنه قرار جانبه الصواب جملةً وتفصيلاً.